لا يختلف اثنان على أن المراهقة مرحلة صعبة على المراهق والأهل. ففي هذه المرحلة يريد المراهق أن يكتشف هويته وشخصيته الجديدة، وأن يقوم بالمجازفات ويستقل عن أهله، فتجده أحيانًا منكفئًا على ذاته وأخرى اجتماعيًا يحب الخروج ولقاء الأصدقاء، وأحيانًا يكون هادئًا وديعًا وأخرى ثائرًا لا يعجبه شيء ولا يتوقف عن انتقاد أهله... هذه التناقضات في سلوك المراهق تقلق الأهل وقد تجعلهم في صدام شبه دائم معه.
من المعلوم أن التغيّرات البيولوجية التي تحصل للمراهق وخلال فترة تمتد سنوات عدة، أحد العوامل الرئيسية والمسبّبة لهذه التناقضات، فصورة الجسد التي تغيرت فجأة، تجعل المراهق في مواجهة مع نفسه لأنه يجدها غريبة عنه، فهو لم يعد طفلاً بل بدأت تظهر عليه معالم الرجولة، كذلك البنت المراهقة بدأت تتحوّل إلى امرأة.
ويرافق هذا التغيّر في صورة الجسد، تغيّر في التفكير الذي يصبح أكثر قدرة على استيعاب المفاهيم المجرّدة والمعاني الإنسانية، ويطرح حولها الكثير من الأسئلة الكبرى، يسأل عن معنى وجوده والحياة ويقلقه التفكير في مستقبله ويحاول إيجاد إجابات،
مما يفسّر توقه إلى المجازفات والخروج على القوانين المنزلية والتخلّص من سلطة الأهل. كل هذا يضع المراهق والأهل معًا أمام اختبار مرحلة المراهقة بكل تناقضاتها.