منتدى أمين تايمز
أنت الأن زائر هذا المنتدى و يشرفنا ذلك
الأن قم بالتسجيل لكي تكون عضو في هذا المنتدى
وبعد ذلك أن تضيفا لنا مساهمتك و مواضيع في المنتدى
لكي تكون المشرف المنتدى و أرجو أن تدعو الأصدقاء
منتدى أمين تايمز
أنت الأن زائر هذا المنتدى و يشرفنا ذلك
الأن قم بالتسجيل لكي تكون عضو في هذا المنتدى
وبعد ذلك أن تضيفا لنا مساهمتك و مواضيع في المنتدى
لكي تكون المشرف المنتدى و أرجو أن تدعو الأصدقاء
منتدى أمين تايمز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أنظمة التشفير التلفزيونية برامج الكمبيوتر أجهزة الإستقبال وتطويرها ألعاب ال PC الأمن والحماية الغرائب والعجائب إستقبال القنوات تبادل الخبرات في مجال الحاسب...
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ami14




عدد المساهمات : 217
تاريخ التسجيل : 21/06/2011

المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر  Empty
مُساهمةموضوع: المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر  Emptyالسبت يوليو 09, 2011 3:11 am

المسرح
ليس من سحر، إنَّما هو فعلٌ عقلاني يذهب إلى الوعي فيؤثِّر على العاطفة
فنصير نحلم ونتفاءل، على الأقل هذا ما حاولت العروض المسرحية المشاركة في
المهرجان الوطني السادس للمسرح المحترف بالجزائر الذي ختم أعماله منذ أيام
أن تفعله؛ أن تثير وعينا اتفقنا أو اختلفنا معها، باعتبار أنَّ الوعي قوَّة
لا تقهر، لذا فإنَّه ليس من الوعي أن نقضي عمرنا نحرس تمثال الديكتاتور
وقد مات. حلم الأب الأنظمة الأمنية تقتل المعرفة كما الفكر، لأنها تعيش بلا
"إيمان" إلا بقوتها القمعية؛ هنا ألا يصطدم الفكر بالمعرفة، أو إنَّ
المعرفة تصطدم بالفكر فتتحطَّم؟ ما الذي يجعلنا نفكِّر؟ إنه سؤال المسرح
الذي حاول حمى ملياني أن يشتغل عليه مسرحيته حلم الأب، دولة يطمع فيها
الحاكم مثلما يطمع غيره في نهب خيراتها وخاصة النفط. فالشعب أو جماعة من
المناضلين يفكرون ويعبرون على جسر المعرفة نحو الثورة على الحكم الظالم،
الذي يبيع نصف الوطن لمنظمات ومؤسسات وشركات أجنبية. وأب يدعم الثوار لكنه
يريد أن يحمي ابنه ليس من الموت ولكن من الاحتراق بصفته أملاً أو حلماَ،
المخرج حمى ملياني يحاول أمام حماية الحلم/الثورة أن يلف حباله الإخراجية
على عنق الدعاة والشبيحة والمرتزقة، وهم يرفعون شعاراتهم الزائفة عن الحرية
وعن حقوق المرأة وعن حوار الديانات وعن الديموقراطية، وكأنَّهم صورة عن
الزعماء المتسلطين؛ لتصير الدولة أكثر شمولية لتلتهم، تفترس أوَّل ما تفترس
شعبها، تلتهم المجتمع المدني. هنا الدولة كما يفترضها حمى ملياني (خيالية)
في حين أنها واقعية؟ لماذا خيالية وهي تدمر المجتمع وتحوِّله إلى قطيع لا
يعرف سوى طاعة أوامر القائد ونظامه الفاسد، لماذا هي خيالية وهي تقهر الشعب
سياسياً كما جسَّد ذلك الممثلون: الحاج إسماعيل، ناديا طالبي، فايزة أمل،
منيرة روبحي، صابرينة بوقرية، مراد أوجيت، ياسين زايدي، كاميليا بن دريسي،
محمد أمين ملياني، عبدالحكيم بوديسة، جعفر بن حليلو، كريمة شنتلي، شهرزاد
خليفة، شريك ناصر، عبدالباسط بوفلاح وكمال حكيم، باعتبارهم ضحايا القهر
السياسي والاقتصادي، جسَّدوه باعتبار أنَّ المسرح يحاكي الواقع /يقلده.
فأكثر الشعوب، خاصة العربية والآسيوية والأفريقية والأمريكا لاتينية تعيش
عبوديات أسوأ من عبوديات الماضي.أنا شدَّني كل من وجه الحاج إسماعيل ونادية
طالبي وفايزة أمل ومنيرة فليسة روبحي، فلم يحجروا وجوههم علينا كمتفرجين،
بل فرجونا أنَّ الوجه (يفكِّر) ويسأل: لماذا- لماذا يوزِّعها حركةً على
جسده فنرى الذهول، الحزن، الخوف يتصاعد، ثمَّ يشع منه النور خاصة وجهي
الحاج إسماعيل وناديا طالبي، فيما وجها فايزة أمل ومنيرة روبحي يرويان صورة
العنف والسرعة من دون أن يقعا في التشنج - لم يتشنج جسدهما، كذلك بقية
الممثلين. وكأنَّ حمى ملياني مسكون بالعنف مسكون بالقسوة، هو ليس قاسياً
ولا عنيفاً وإن كانت شخصياته كذلك. ولكنه العنف الكامن في الغريزة -الشعب
أي شعب عندما تعطل عملياته الفكرية تقوى غرائزه العنفية فالظلم لا يُحتمل.
ليالي آلموت عبد الرحمن زعبوبي مصمِّم سينوغرافي يكسب عيشه بعرق جبينه،
ويكاد يكون الأبرز في المغرب العربي كمؤلِّف/مصمم يجانب الإبداع. فجأةً
يسرق المخرج عز الدين عبار عيشَ/تعبَ هذا الرجل في عرض مسرحي (ليالي آلموت)
عن نص لأحميدة عياشي. ففي حين كانت السينوغرافيا تضعنا في قلعة الحشاشين –
تضعنا في المكان والزمان الافتراضيين فنشعر بحقيقتهما وجمالهما بل
وشاعريتهما؛ ترانا نهبط إلى الحضيض والمخرج لا يعرف أن يصعِّد الصراع ـ
فيجيء بطيئاً وكأنَّ الإدراكين الحسِّي والعقلي لا يعملان ـ معطلان. فيما
تذهب حركة ممثل كبير مثل عبد الله جلاب الذي أدَّى دور الشاعر عمر الخيام
هكذا بـ(بلاش)، تضيع؛ لأنها خارج سياق العرض ـ ليس لأنَّ جلاب عصى أو
تمرَّد على اقتراحات المخرج عز الدين عبار ـ ولكنه ماذا يفعل وهو يريد
يثبِّت شكلاً محسوساً، شكلاً معقولاً لشخصيةٍ، لمثقَّفٍ إشكالي هو الشاعر
والعالِم، والفيلسوف، والفلكي عمر الخيام الذي يرفض إتباع "الحسن الصباح"
الذي أقام حرائق وحرائق في قلعة آلموت، ومن ثمَّ أغوى وأغرى الكثير ليدخلوا
قلعته، فيوزِّع عليهم الكيف/الحشيش ليشربوا ويشربوا ويكيِّفوا حتى يروا
(الجنة).. تلك التي بعد الموت. عبد الله جلاب ومعه دليلة نوار التي أدَّت
دور صفية صاحبة مغنى هُما العرض، فتنقُّلهما من التعبيرية إلى الرومانسية
في الأداء، من حياة رهيبة إلى حياة تتسامى فيها الروح رغم تقطُّع كل خيوط
الإخراج، هو ما شدَّنا للبقاء على الكرسي صامدين نتفرَّج. أين العداء
السياسي والفكري - العقائدي بين الحسن الصباح ونظام الملك وعمر الخيام؛
كلُّ واحد منهم يذهب إلى غاية غير غاية الآخر، لماذا ألغى عز الدين عبار
كامل العدائية، وهو عاملٌ أدبي أعطاه إياه أحميدة عياشي كان بإمكانه أن
يحوِّله إلى عامل درامي يتناسب طرداً مع الأدبي فيطوِّر البنية الشعورية
عند باقي الممثلين، فالحدث/العداء ليس وهمياً، بالأساس هو حدث واقعي، وعلى
المخرج أن يحيله ـ يحوِّله إلى حدث مضاد، فعمر الخيام وليس ذنب الممثل عبد
الله جلاب ـ أكثرَ من الإلقاء الشعري، وهو الفرد الواعي والبطل القوي لدرجة
بدا فيها أنَّه متطرِّف شعري وكأنَّه اتَّبعَ إرشادات المخرج فينزع القناع
بدلا من أن يبقيه. الحياة التي يمثِّلها الممثِّل على المسرح هي غير
الحياة الواقعية، وربَّما أدرك الممثلون المشاركون عبد الإله مربوح، أحمد
بن خال، حنان نعيمة بوجمعة، أبوبكر بن عيسى، هشام بوسهلة، سعاد جناتي،
ياسين جوزي، موسى لكروت هذا الخيط فلم يقطعوه، مثلما قطع المخرج عز الدين
عبار تلك العلاقة بين سلطة العرفان وسلطة السياسة فكانت المواجهة /الحرب
بينهما حرباً من ألفاظٍ فقدت حرارتها. الإمبراطورة والمهندسة هي ليست
مهندسة وهو ليس إمبراطوراً، هي فتاة متوحِّشة - آمال بن عمرة، يهبط عليها
شاب ـ رضوان حليش، من طائرة تحطَّمت في جزيرة خالية من البشر إلاَّ منها.
آمال ماذا تفعل؟.تتعلَّم من الشاب كيف تصير إنسانة بدون أنياب وأظافر،
يعلمها وتنجح حتى تستحق صفة مهندسة، فتصير عندها رغبة قوية في الرحيل إلى
ذاك العالم الذي قدم منه إمبراطورها. فينشب بينهما صراع كان ذهنياً، لكنهما
في الأخير يقتنعان أن يعيشا معاً فوق أرض الجزيرة.النص لآربال فرناندو،
والاقتباس لحبيب بوخالفة والإخراج لسيد أحمد دراوي، والسينوغرافيا لسامية
شباط، والفكاهة أو الضحكة الخفيفة على بساطتها التي غلَّفت العرض بدت
معرفية ـ كانت تقوم على المفارقة المعرفية؛ على اللعب العقلي. ففي هذا
العرض كما في ليالي آلموت غاب عن المخرجين مطاردة الجسد الذي هو الهدف، وهو
جسد يومي في الإمبراطورة والمهندسة فيما هو جسد احتفالي/طقسي في ليالي
آلموت. وراء البحر عرض مسرحي قاسٍ، حدٌّ عالٍ من الحركة، موسيقى وأغنية
وصورة سينمائية مليئة بالإشارات، وحدٌّ أدنى من السكون - فنعيش أساطير عن
حب الوطن والتخلي عنه بحثاً عن (الرزق). بلقاسم الذي كان مناضلاً في حرب
التحرير عام 1954 والذي هاجر إلى فرنسا (دماغاً مفكراً) أو نصف دماغ أو شبه
دماغ افتتح مقهى في المنفى الاختياري/فرنسا؛ صار الاستقلال ولم يعد إلى
الجزائر - أين يذهب بالشوق وبالحنين الذي صار أكداساً مكدَّسة في روحه؟
هجراتٌ وهجرات لأجيالٍ وأجيال، وإذا به يلتقي بشاب هجر الجزائر مثله لكن
بعد الاستقلال، غير أنه يكتشف أنَّ الشاب هو حفيده. ما الذي اختلف؟ في زمن
الاستعمار هاجر الجد، وفي زمن ما بعد الاستعمار هاجر الحفيد، وكلاهما قصدا
فرنسا المستعمرة؟ بحثا عن تلك (اللقمة)؟ كأنَّ المسرحية تقول: حقِّقوا
ذواتكم، فالتحريض على الهجرة هو استهلاك للوطنية في غير مكانها، فرنسا أو
أي مكان آخر لا يمكن أن يكون بديلاً عن الوطن، لكن يمكن أن تكون هذه أمكنة
للحرية والمغامرة والأحلام المستيقظة - لكن من ينقذنا من شبح الحنين إلى
الوطن وهو يطاردنا كأنَّنا مجرمون فيما هو الضحية؟ من يعوِّض علينا عقلنا
في الحياة حين نجمِّده في الوطن البديل/المستعار؟؟ من يفتح بصيرتنا فنرى
بعد أن صرنا أكثر عمى من العميان؟ إنه بازو أو عبد العزيز يوسف مخرج
المسرحية - مسرح فكر وصورة وصوت. فالحركات كانت مغنَّاة وكانت ناقلة للشعور
وقادرة على اجتذاب الانتباه نحو الذروة. مغنيان: مونية آيت مدور وقاسي
قاسي. وممثلون: بلقاسم كعوان، نسرين عيطوط، وردة خيمة، سميرة شعلالي.
وموسيقيون: خير الدين كاتي، بازو، رفيق ناوي، ياسين بوشنين. وملابس: عبد
الحميد حداهم. ومساعد إضاءة: فاروق مباركي. ومصمم إنارة: عبد الرحمن
بوزرعة. وكل هؤلاء وآخرين قدَّموا عرضاً قوياً بالانفعال والإشباع الفني ـ
ومؤثِّراً، فالغناء يمكن أن يكون كالتمثيل امتداداً فنياً للتعبير عن
انفعالات الروح، وهذا ما حققه المخرج من خلال مونية وقاسي، فقد كانت
الأغنيات التي أدَّياها وهي مختارات قامت بالتعبير وبسرد المعاناة التي
يعيشها الجزائري في المغترب - فاستطعنا كمتفرجين الاندماج بالعرض، وأن
نحسَّ مأساة المهاجرين، وأن نستكشف مشاعرنا واستجاباتنا لو حصل معنا مثل ما
حصل مع هؤلاء المهاجرين. فالمخرج أعطى الأصوات والحركات للمغنين والممثلين
طابعاً مسرحياً، مع أنه استخدم الفيديو والسينما والمساعدات الالكترونية ـ
أي بقي في المسرح جاعلاً من هذهِ جوهرَ العرض المسرحي، من دون أن يتحلَّل
أو يتخلى عن العقدة والحبكة في الحكاية التي تمَّت مسرحتها على أجساد
المغنين والممثلين، فالمعاناة والانفعالات كانت ترْشح من أصواتهم وحركاتهم،
كانت تعبر من جسدهم إلى جسدنا. كاف النمر صخرة تشبه نمراً متوثباً قبالة
البحر، تجَّارٌ ما يسعونَ لإزالة الصخرة – النمر لإقامة ملهى ليلي محلَّها،
فيتحدَّاهم أحد البحارة، فيقيم مع زوجته قبالتها، وتدور معركة بينهما،
يتحالف فيها التجار حتى مع الشيطان، لكنهم يخسرون معركتهم فيما يربحها
البحار. حكاية بسيطة بل وساذجة ومكرورة ومكررة لا عمق فكرياً ولا فلسفياً
ولا اجتماعياً فيها من كثرة ما استُهلكت. الخيرُ محبوسٌ في صدر البحَّار،
والشرُّ محبوسٌ في صدور التجَّار، إنَّه صراع أزلي، لكنه في مثل هذه
الحكاية التي كتبها وأخرجها جمال حمودة جاء صراعاً باهتاً وسطحياً، وفوقها
أنه لم يتطوَّر، لم يكبر، لم ينفجر. المخرج أيُّ مخرج يُفترض أن نرى، أن
نشعر بقلقه وهو ينتشر في أصوات وحركات ممثليه. وهو يملأ الخشبة والصالة كما
كان في عرض (ما وراء البحر) للمخرج بازو. لقد تركنا جمال حمودة مع حكاية،
مع سرد أدبي، أي كنا مستعبدين لنص أدبي وليس لعرض مسرحي، فبذلنا جهداً
ومشقة ونحن نتفرَّج، وكأن المخرج يضطهدنا فوق ما يستعبدنا، هذا إذا علمنا
أنَّ ثوب العروس الذي قبع في عمق الخشبة على شاكلة صخرة - نمر كان مثل
(خازوق) أو مخرز يثقب عيوننا. إنَّ المسرح صار يستغني عن مثل هذه الديكورات
الغليظة والمربكة لبصر المتفرجين، واستعاض عنها بالإشارات الضوئية
واللونية أو بغيرها من الدلالات المروية والمرتوية بثقافة المخرج، فمثل هذه
الحكاية ما عادت تنفع في الرواية والقصة فكيف بها على خشبة المسرح، سيما
وأنها - ليست ذنب الممثلين: جمال طيار، ياسمينة فرياك، هشام قرقاح، فرحات
عبد العلي - كانت شخصياتٍ متخثِّرة ومتصلِّبة ومتكلِّسة، صوت خوارها أعلى
من صوت أفكارها. الجسد في المسرح له صوت، أين صوته/صورته المرئية التي لم
نندمج معها كمتفرجين، فالأحمر ليس دائماً لون الدم، وإن كان لوناً يدفعنا
للتأثر. هو لونٌ شجي، وهو لون إذا ما أكثرنا النظر والتأمل فيه كانَ لون
دمٍ حقيقي أو لون وردةٍ أو لون فحمةٍ متَقدةٍ أحمرها يصير سواداً ـ يدفعنا
إلى التحول إلى الفعل. الأحمر هو مثل الجملة الإخراجية لمخرج مشهور، لمخرج
عبقري فتصير جملة محسوسة أكثر مما هي متصوَّرة، ولمجرد ذكر اسمه. جمال
حمودة ضيَّع على الممثلين وخاصة ياسمينة فرياك فرصة أن تكون اثنين في واحد،
ممثلة؛ وممثلة مثقَّفة تعرف كيف تصرف القوَّة فتصير انفعالاً شعورياً على
خشبة المسرح . بزنس إز بزنس حاضرٌ متحرِّك أم ماض جامد؟ هذا ما تحاول
الإجابة عليه المخرجة فوزية آيت الحاج؛ شابان تخرَّجا من الجامعة: مهندس
وحقوقي، يسكنان في منزل لا يصلح زريبة. لكنهما مضطران وسيتزوجان فيه.. كيف؟
يقتسمان الفضاء المكشوف أحدهما ينصب فيه خيمة لينام فيها مع زوجته. لكن
كيف يسيِّران حياتهما؟ لا بدَّ من المكائد والحيل والكذب والصدام الذي نتج
عنه شظايا لا ملامح لها؛ قيم تتحلَّل وتتفكَّك، باطنية تحكم سلوك الأربعة
بعد أن كانا اثنين، وكل اثنين يُريدان أن يزيحا، أن يزيلا اثنين. عيسى
وجميلة يريدان محو إبراهيم وناديا، والعكس هو كذلك، والغرض الإبادة ليخلو
المكان على ضعته صحياً واجتماعياً لطرف من دون طرف، هذا في قاع المجتمع/قاع
الحياة، فكيف لو كان فوق القاع؛ فوق الهرم هرم السلطة، ونحن نرى كيف الفوق
يشرعن لحالة قتلِ وذبح وقنص وتصفية وإذابة وقلع واقتلاع الذي تحت، الذي
هوالشعب؟ لا أظن أنَّ فوزية آيت الحاج في مسرحيتها هذه تسقط صراع الزوجين
على واقع الثورات العربية ـ الحكومة أو السلطة ضد الشعب، وليس العكس.
دائماً السلطة تستبد، تراكم الاستبداد فوق الاستبداد حتى يصير الاستبداد
قلعة ـ أو تلك القلاع الأمنية. كيف تفخر دولة /تفاخر بكثرة عدد قلاعها
الأمنية وبقلة جامعاتها أو مدارسها أو منتدياتها؟! فوزية التي تصغِّر
المكان، بل تحقِّره إلى درجة تحوِّله من قصر/قلعة إلى قبو تنفجر فيهِ
وعليهِ قنوات الصرف الصحي، لنرى الحقوقي وهو يطالع ديانته/تدينه مبرراً
سلوكه الذي يبين عن مجازر وفضائح يرتكبها بحق العباد، إذ يتاجر بالذهب
المقلَّد يبيعه على أنه ذهب حقيقي وباسم الله وليس باسم اللات والعزى.
فتنصعق زوجته المهندسة حين ترى الحمل زوجها وهو يخبئ تحت جلده ذاك الذئب
الأزعر. لا بدَّ من تفجير القبو وأنَّ سكان الطوابق العليا من المتنفذين
حملةِ مفاتيح القلاع/الممثلون: حكيم سي إبراهيم، منال وسعيدة زيتوني، بقور
بوعلام نعمان، كيزموأعرب. عام الحبل إذا كان حمى ملياني لم يقصد في مسرحيته
"حلم الأب" أن يفرجينا ذات الطاغية العربي المتكبرة، وجهلها وعماها
العقائدي ووحشيتها وهي تفتك بمواطنيها، تفتك بإنسانيته، فإنَّ جمال مرير
ذهب أكثر بكثير مما لم يقصده الملياني؛ فقد اتخذ من(الحلقة ـ الفرجة) التي
يحبها عبد الكريم برشيد، ومن الحضرة العيساوية شكلاً لعبَ فيه لعبته
المسرحية عن رواية لمصطفى نطور اقتباس سليم سوهالي، بعد أن ساعده عبد
الرحمن زعبوبي في السينوغرافيا وسليمان حابس في الكوريغرافيا؛ لعبة دفع
فيها المتفرج أو الإنسان العربي لأن يعثر على قوته التي قمعها أو أفسدها
الحاكم، حين قام ويقوم بتدمير الحياة الروحية للناس وافتراس الفكر
والحريات. فـ(بوقرة) وهو شخص قد يبدو ساذجاً باعتباره قروياً /فلاحاً، لكنه
في غاية الذكاء السياسي حين يقوم بروي قصة عام الحبل وما جرى فيه
لمواطنيه، سعياً لإذكاء روح التمرد والعصيان عندهم. فالطغاة والمستبدون
متشابهون في الزمان والمكان، ولا بدَّ من محاسبتهم، مقاصصتهم، بالثورة
عليهم. ربما كان هناك مباشرة سياسية لم يقصدها جمال مرير وإن وقع فيها،
لكنها كانت تولِّد الحركة النفسية بعيداً عن الفظاظة والخشونة، كما كان في
مسرحية ليلة الليالي التي بدت بسيطة ومدرسية وكاذبة. هنا في عام الحبل كنت
تشعر بصدق السرد الفرجوي وبالهدوء؛ لكن الهدوء الذي يخفي بركاناً والمرشَّح
للانفجار ـ وفجَارات، قذارات، وساخات، اندساسات، تذبيحات الحكام
لمواطنيهم، ما يكشف عن أصولية متطرِّفة لدى هؤلاء الحكام وليس عن (الثورية)
كما ادعوا حين اغتصبوا السلطة. فالحياة يتم تدميرها على أيديهم على يد:
حاكم القرية/البلدة، وعلى يد الشافعي، ويد التاجر الذي لا تمر أية عملية ـ
صفقة إلا من بين يديه، وعلى يد المزهودي الذي يشتغل في الصيد ويحتكره لنفسه
وكان الله في عون من يصطاد بغير علمه، وعلى يد الشيخ الإمام الذي يحرِّم
حلال الله ويحلِّل ما حرَّمه الله في سبيل الإثراء والغنى الشخصي. طبعاً
جمال مرير ومعه الممثلون: ناديا لعريني، سيف الدين بوهة، جلال دراوي، عبد
الرؤوف بوفناز، أحمد عويلة فتحي، هشام هلال، شيدوح الطيب، عبد الحفيظ
لبديوي، فؤاد بن أحمد، علي ناموس، ناصر زين الدين، أحمد شعانية، توفيق
جيلاني، أحمد غزيلة عادل ـ قدَّم عرضاً شديد الحيوية بإيقاعات جريئة وحركات
قاسية وشجاعة. الحائط لنتصوَّر حائطاً ـ الحيط الذي يُشبَّه به
المتصلِّبون في رأيهم ـ المتكلِّسون بأنَّه يتألم ويتنازع ـ ينشب نزاعٌ
شاعري العواطف بينه وبين حائط مثله التقاه بالصدفة.كأنَّها صورة سوريالية
يخرجها هارون الكيلاني عن نص لذر ذوالفقار، فيذهب بالنزاع بين الحيطين من
الشاعرية إلى الصدام، فالحائط الأصغر يريد يفرجي الأكبر أنه الأقوى، ويشهد
صراعهما حيطان كثيرة قام بأداء أدوارها: علي وإسماعيل قربون، جهيدة مسلم،
الأزهاري قفاف، زروق نكاع، عبدالقادر رواحي، سعيدة واجي، مختار زعتري، عيسى
حديد، جلول بن صغير، العيد شادي، عبد الكريم سولامي. حيطان لكنَّها شواهد ـ
أو شاهد على الجور والعسف والظلم الذي لحق بالإنسان، على عمليات الإبادة
التي يتعرَّض لها الأبرياء، وكأنَّ الحيطان كانت حيطان زنزانات أو غرف
تحقيق، أو ميدان إعدام، حيطان تحكي تسردُ صورةً إنَّما سورياليةً ساخرة
لأنَّها تعبث بالمصير الإنساني، أو هي تفرجينا كما سعى المخرج الكيلاني
بأنَّ الحياة مليئة بالقسوة والعنف، فاللوحات التي رسمها/شكَّلها من أجساد
الممثلين والتي كانت تتراقص، وهي أجساد كما يبدو عنيدة ومتصلبة ـ أي هي
أيضاً قاسية ينزُّ العنف منها، لكنَّه العنف الجميل الذي يرغمنا على التأمل
والتفكير. فالأجساد وهي ترسم لوحات سوريالية لم تكن في ثُبات - كانت في
نشوة، فـ(الحيط) هنا ليس جسداً لا مفكِّراً - بل يفكِّر، فهو من قبل اشتغل
واشتغل وتعب وانتظر. فالمخرج كأنَّه كان يضع الزمن داخل الحيط /الجسد، غير
أنَّه لما فرجانا ضعفه رفض أن ندق مساميرنا فيه، لنعلَّق عليها مطالبنا
بالحرية والعدالة. أين جسدنا؟ وكيف لا نستعمله باعتباره جسداً رشيقاً
وقوياً فنذهب به إلى الثورات بدل أن نحوِّله إلى حيط. ليلة الليالي ليس
موضوع صراع بين مبادئ، وبالتالي ليس محاولة للمصالحة بينها كانت متناقضة أو
متصارعة. فالسيد "النوي" الذي تخلى عن التمثيل كمهنة لإرضاء حبيبته ـ
زوجته فيما بعد "باهية" موني بوعلام، ودخول "عبدو" محمد دلوم، وبعد اصطراعه
وصراعه معهما يقوم بقتل زوجته باهية وحبيبها عبدو الذي حلَّ محلَّه في
قلبها، ثمَّ يقتل نفسه منتحراً بالمسدس ذاته. ما الذنب الذي اقترفه "النوي"
أو ما الذنب الذي اقترفته باهية وكذلك عبدو، وكان الثمن موتهم جميعاً. هل
في عمل القتل هذا الذي انتقم منه نوي من زوجته ورفيقه، ومن ثمَّ من نفسه هو
انتصار للجوهر الأخلاقي العام؟ هل ما فعله نوي هو تنفيذ لحكم وضعي أم لحكم
رباني؟ المخرج محمد الطيب دهيمي ترك الأجوبة مفتوحة رغم كل الإجابات التي
قدَّمها من خلال القصص الموازية التي رواها الممثلون بطريقة كما ذكرنا من
قبل مدرسية مفتعلة وغير صادقة، فقد كانت كلاماً وكلاماً، وليس فعلاً
مسرحياً. فالمخرج لم يستطع رغم (قوَّة الصراع) الذي في الحكاية التي كتبها
علاوة بوجادي والتي من مصادر تراثية شعبية، أو ربَّما تكون قد حدثت فعلاً،
لأنَّ ليس فيها ما هو خارق أن يحيل الفعل المسرحي إلى طبيعة فيزيائية
بريئة، فنرى الصراع بالحركة وليس بالحوار الذي كان ثقيلاً وطويلاً ومملاً،
كأنَّه يغفل أو يتناسى دور ووظيفة العين عيننا، ونحن نتفرَّج على عرض
مسرحي. أنا لست مع هذه النهاية الأخلاقية. أنا ضد التصفية الجسدية ولو أنها
حل تراجيدي بات تقليدوياً بسبب سهولة الوصول إليه، أنا مع اصطناع حلول
أكثر إنسانية. فالصدام الذي لم يتطوَّر كان بين أشخاص وليس بين مبادئ،
وبالتالي فهو ليس انتصاراً لقيم جمالية. طبعاً هذا لا يقلل من أهمية العرض
ولا من الجهد الذي بذله ممثلون مثل: عتيقة بلازمة، صابرينة قريش، نجلة
طارلي، بوكر وسيف الدين، رداف عيسى، محمد الطيب دهيمي، فكل إخراج مسرحي هو
أشبه بعملية ولادة- طبعاً المخرج لا يلد ذاتاً آخر ولكنَّه يلد ذاته،
وأظنها كانت ولادة متعثِّرة فجاء الولد مصاباً بتشوه ولادي وليس خلقي، مع
إنه لا أحد يولد وضيعاً، ولا أحد يولد عظيماً حتى لو كان ابن ملك. الحومة
مسكونة اصطناع حكاية أسهل من اصطناع عرض مسرحي، لكن الأصعب أن تجلس
وتتفرَّج على حكاية نمطية مللناها - ملِّينا منها: تاجر "بحوص بالع" لا
يقرأ ولا يكتب، جمع ثروته من الحرام، يترشح للانتخابات، يستغل وضع الطبيب
البيطري "الهايل بوسماحة" الموقوف عن عمله بسبب خطأ مهني، ويكلفه بإدارة
حملته الانتخابية وهو المدين له بأجار البيت، وحتى يضمن سير الحملة
الانتخابية بشكل عملي وبطرق يؤثِّر فيها على الناخبين، يتفق مع وكالة
إعلامية خاصة لتقوم بتجييش الرأي العام لانتخاب "بحوص بالع". فترسل له
الوكالة الآنسة "ماهة خلدوني" باعتبارها مختصة، فتنشأ علاقة عاطفية بين
الطبيب والإعلامية. لكن صهر بحوص بالع السيد "بوعزة متقلل" الذي يشتغل حارس
بناء حيث يسكن الجميع، يخوض الانتخابات منافساً فيربحها، فيما يخسر بحوص.
ما الجديد؟ ما المدهش؟ ما الرائع الذي فعله المخرج فريمهدي محمد؟ إذا عرفنا
أنَّ الحكاية هذه تتمُّ في غرفة عادية، في المبنى ذاته مع ديكور جاف وقاس؛
أرضية من رقعة شطرنج، مع جهاز هاتف وجهاز مذياع قديمين، وشيءٍ من مقالب
ضاحكة. طيِّب إذا اعتبرنا أنَّ الحكاية واقعية، وقد بقيت حكاية ولم تتحوَّل
إلى عرض مسرحي، رغم ما بذله الممثلون من جهد فأين التخيل الذي يعطي
الحكاية قوة؟... كل واقعي عليه أن يتخيَّل ليبقى واقعياً. نحن في مثل هذا
العرض على من نضحك؟ وممَّ نضحك؟ وما هي (العظة) أو الحكمة أو الهدف الذي
يذهب إليه؟ .. أنتَ تريد أن تصطنع حكاية ليكن. أنت تريد أن تصطنع سرداً
ليكن ـ إنما بشرط أن تعبُر من الواقعي إلى المتخيَّل أو العكس، لا مانع أن
تختلق. أو هي عملية اختلاق فتفصل بين زمنين ما كان قبل، وما صار بعد.
المخرج فري مهدي محمد يفترض أن يصير خالقاً بَعْدَ قَبْلْ حتى لو قبِلنا
أنَّ العرض "الحومة مسكونة" كان عملية تبادل كلام. ثمة فعل ـ حركة كان
غائباً حتى بشكله الآلي. أين الصدمة/صدمة الحركة حتى حين ذهب المخرج إلى
افتعال الضحك؟ هل المؤلف سيد أحمد سهلة لايعرف يكتب نصاً مسرحياً. الكرسي
والحاكم سنُكبِّر السؤال: ماهوالخطأ؛ الجريمة؛ الذنب الذي ارتكبه الشعب حتى
يستوجب معاقبته، يستوجب قتله؟.. المخرج خالد عزبي ولوإنَّ النص الذي كتبه
بالأساس "السيد الشوربجي" لا يذهب هذا المذهب، إلا أنَّ العرض بدا هكذا،
بعد أن أعدَّه بلكروي عبد القادر: أستاذ جامعي ومثقَّف لكنَّه رئيس الوزراء
الذي يخرج في سيارة عامة (؟؟؟..) فيُعتقل على أحد الحواجز، ويُرمى به في
السجن، فيرى ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعتْ من تعذيبٍ وانتهاك لكرامته
وكرامة مواطنيه على يد السجَّانين ـ سجَّانيه. ما العمل ؟.. صراعٌ يكشف عن
رعونة الحاشية الحاكمة ـ لا أعرف لماذا يُستثنى رئيس الوزراء الذي يستمر في
إخفاء مكانته السياسية أثناء اعتقاله حتى آخر لحظة؟ فليس من مبرر فني أو
فكري. لماذا رئيس الوزراء شريف ونزيه ويرهبه ويرعبه ما يجري لمواطنيه؛ للشر
المسبق والحقد الجاهز والمصفى الذي تكيله أجهزة الأمن والعسكر للشعب، إن
في الزنازين الصغيرة أو الزنزانة الكبيرة التي اسمها الوطن؟ لماذا ترك
المخرج ومعد النص (الرأس) بعيداً عن المحاسبة وذهبا إلى الذيل؟ هنا كان عند
المخرج لحظة يفرجينا فيها "وضاعة" الشر، لحظة التقطها حين اعتقل رئيس
الوزراء وحين زجَّ به مع الضحايا الذين صاروا يرفعون أصواتهم المكتومة.
سأشرح: هناك أفعال تعذيب وقتل مثل: أوديب حين قتل أباه في لحظة انفعال لم
يكن يعرف أنَّه يقوم بقتل والده ـ هو لا يعرف حينها من هو والده. لكن هنا
في الكرسي والحاكم ـ الحكومة تعرف أنها تقتل والدها، تعذِّب وتقتل الشعب
التي هي من نسله من صلبه. ولو رحنا أكثر لعرفنا أنَّ أوديب حين علم أنَّه
قد قتل أباه فقأَ ـ قلعَ عينيه تكفيراً عن فعلته. الرئيس؛ رأس الدولة عندنا
يقتل أباه عن علم ولا يكفِّر عن ذنبه؟! عندما تقتل أو تعذِّب أحداً يستحق
القتل لا أحد يحتج، ولكن أن تقتل من يحتج أو تعتقله وتعذِّبه بلا ذنب ـ هنا
الجريمة. وهنا التراجيديا الحقيقية التي لم يعرف كيف يحقِّقها المخرج خالد
عزبي على خشبة المسرح، لأنَّ النهاية حين يعلم آمر السجن ومن ثمَّ وزير
الداخلية أنَّ المعتقل الذي بين أيديهم هو رئيس الوزراء وليس أي مواطن
يدفعان ثمناً غير مقنع. طيِّب ما هو الثمن الذي سيدفعونه عن الشعب، عن
اعتقاله وتعذيبه وتشريده وقتله ويكون مقنعاً؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى أمين تايمز :: الفن والسينما :: عالم المسرح-
انتقل الى: